محمد صلى الله
عليه وسلم في نفسه عظيم بالغ في العظمة، وفاقا لكل مقياس صحيح يقاس به العظيم عند
بني الانسان في عصور الحضارة.
فما مكان هذه
العظمة في التاريخ ؟.. ما مكانها في العالم وأحداثه الباقية على تعاقب العصور؟
مكانها في
التاريخ أن التاريخ كله بعد محمد صلى الله عليه وسلم متصل به مرهون بعمله، وأن
واحدا من أحداثه الباقية لم يكن ليقع في الدنيا كما وقع لولا ظهور محمد وظهور
عمله.
فلا فتوح الشرق و
الغرب ، و لا حركات أوروبا في العصور الوسطى ، و لا الحروب الصليبية ، ولا نهضة
العلوم بعد تلك الحروب ، و لا كشف القارة الامريكية ، و لا مساجلة الصراع بين
الأوروبيين و الاسيويين و الافريقيين ، ولا الثورة الفرنسية وما تلاها من ثورات ،
و لا الحرب العظمى التي شهدناها قبل بضع وعشرين سنة ، ولا الحرب الحاضرة التي
نشهدها في هذه الأيام ، ولا حادثة قومية أو عالمية مما يتخلل ذلك جميعه كانت واقعه
في الدنيا كما وقعت لولا ذلك اليتيم الذي ولد في شبه الجزيرة العربية بعد خمسمائة
واحدي و سبعين سنة من مولد المسيح .
كان التاريخ شيئا
فأصبح شيئا آخر، توسط بينهما مولد وليد مستهل في مهده بتلك الصيحات التي سمعت في
المهود عداد من هبط من الارحام إلى هذه الغبراء .... ما أضعفها يومئذ صيحات في
الهواء .. ما أقوها بعد ذلك أثرا في دوافع التاريخ .. ما أضخم المعجزة وما أولانا
أن نؤمن بها كلما مضت على ذلك المولد أجيال وأجيال، وما أغنانا أن نبحث عنها قبل
ذلك بسنين حيثما بحث عنها المجنون والعرافون.
على أننا نستعظم الاحداث
العظام في تاريخ بني الإنسان بمقدار ما فيها من فتوح الروح، لا بمقدار ما فيها من
فتوح البلدان.
عنوان
الكتاب: عبقرية محمد.
قراءة الطالبة:
ساجدة بنت سليم الشرجي.
محتوى رائع ..بوركت جهودكم
ردحذف