تحدي القراءة

تحدي القراءة
من أجل حياة أفضل ،،، بالقراءة

الخميس، 5 مارس 2015

جابر بن زيد


المدينــة نــزوى التي تسمى بمدينة العلم والتاريخ وبالطبع بيضة الإسلام , سميت بيضة الإسلام بسبب أهميتها الثقافية و الدينية . فقد خرج منـها أئمة عدة و درس فيـها علماء كثر ، وقد كانت ولازالت مركز إشعاع فكري و حضاري للمناطق الجغرافية المحيـطة بـها .

جابر بن زيد رحمه الله وهو من علماء مدينة نزوى في قرية فرق تحديداً و كانت ولادته في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  و يكنى بأبي الشعثاء . إن التابعي جابر بن زيد - رحمه الله - أصله عربي النسب وهو من ولد عمرو بن اليحمد الأزدي ,فهو ينتسب إلى قبيلة الأزد العمانية التي اشتهرت بالشجاعة و الكرم .

أيضاً جعل الله تعالى في فطرة جابر بن زيد استعدادًا لطلب العلم , حيث استطاع أن يحفظ القران الكريم في مسجد قرية فرق ثم بعدها تحول إلى مدينة نزوى ومنـها إلى صحار مركز الدولة  وعاصمتها آنذاك.

إن الإمام جابر بن زيد هو المؤسس الحقيقي للمذهب الأباضي فقد روى عنه الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح المسمى "بالجامع الصحيح" و الذي يعد من أصح كتب الحديث التي روت عن النبي صل الله عليه وسلم على الإطلاق . وقد أخذ عنه معظم رواة الحديث واعتمدوا على ثقته و أمانته , وممن روى عنه البخاري و مسلم وأبو داود و الترمذي و النسائي وغيرهم , كما أخذ عنه المفسرون مثل "الإمام أبو بكر الرازي الجصاص" , وتتلمذ على يديه العشرات من العلماء .

وكان لجابر بن زيد الدور الأكبر في قيام المذهب الأباضي  الذي يستند إلى القران الكريم و السنة الشريفة .

هو يعرف بالجوفي البصري , أما الجوفي فهي نسبة لأى داخلية عمان حيث نشأ . وأما البصري فنسبة إلى مدينة البصرة التي تقع عند مصب نهري دجلة و الفرات جنوب بلاد العراق و شمالي الخليج العربي , وهي المدنية التي أنشأت في عهد عمر بن الخطاب سنة ست عشرة للهجرة الموافق لثمان و ثلاثين و ستمائة للميلاد .

لقد ارتحل جابر بن زيد إلى البصرة لطلب العلم ففيها تلقى علومه عن شيوخه من أصحاب الرسول صل الله عليه وسلم الذين وصل عددهم إلى مائة وخمسين صحابياً و كان من أبرزهم عبد الله بم عباس رضي الله عنه الملقب بحبر هذه الأمة فتعلم الشريعة و النقل عن صحابة رسول الله صل الله عيه وسلم ما حفظوه من السنة الشريفة , وقد ذكر الإمام جابر عن نفسه أنه أدرك سبعين من الذين حظروا غزوة بدر الكبرى فحوى ما عندهم من علم إلا البحر "ابن عباس" فلم يصل إلى ما عنده من العلم لغزارته . فالإمام جابر هربي المنبت له باع في اللغة العربية , وكان فصيح اللسان ويحفظ من سماع واحد.

كان الإمام جابر بن زيد كان يجالس أنس بن مالك خادم الرسول صل الله عليه وسلم وأيضاً أنه كان يحج كل سنة ؛ لأنه كان يشتاق إلى الأراضي المقدسة وزيارة قبر الرسول الكريم والتسليم عليه صل الله عليه وسلم .

لقد أثنى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه على جابر بن زين فقد كان يقول لسائليه (اسألوا جابر بن زيد فلو سأله أعل المشرق و المغرب لوسعهم علمه بما في كتاب الله) وذلك لأنه كان حريصاً على أخذ أمور الدين من مصادرها الدقيقة فكان كثيراً ما يسأل السيدة عائشة رضي الله عنها عن كل صغيرة و كبيرة حتى أنها قالت عنه :(لقد سألني عن مسائل لم يسألني عنها مخلوق قط).

كان الإمام جابر بن زيد من أوائل الذين قاموا بالتأليف , فقد اهتم بتدوين ما تعلمه ووعاه من علم شامل نافع , وفقه كامل واسع, وزاد على ذلك فتاويه التي افتاها وتفرد بها , فجمع ذلك كله في ديوانه الكبير المسمى "ديوان جابر" . ولكن للأسف لم يشأ الله بقاء هذا الديوان الذي قيل انه واسع جداً ويقع في عشر مجلدات ضخمة تزيد على حمل بعير.لقد كان هذا الكتاب النفيس محفوظاً في مكتبة بغداد حتى جاء المغول في القرن السابع الهجري و اجتاحوا العراق و عاثوا فيها فساداً , وحرقوا مكتبتها حتى اتت النار على كال ما فيها من كتب ومخطوطات ومن ضمنه مخطوطة الإمام جابر .

كان للتابعي جابر دور كبير في المجتمع الإسلامي آنذاك فقد أمضى عمره في نشر العلم وتوطيد أواصر هذا الدين وإظهار الحق و إنكار المنكر , بالإضافة إلى أنه كان يهتم بحلقات العلم التي كان يعقدها في المسجد لتدريس الناس أمور دينهم , وكان في الوقت نفسه مرجعهم في الفتوى .

 

وفاته : مات الإمام جابر بن زيد في الجمعة ذاتها التي مات فيها أنس بن مالك خدم رسول الله صل الله عليه وسلم سنة ثلاثة وتسعين للهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة و أدخله فسيح جناته ..

 

 

 

من كتاب :شخصيات عمانية تاريخية (جابر بن زيد).

 الرقم العام: 9239

قراءة : خلود بنت سالم بن علي الرَوَاحِي ..

هناك تعليق واحد: