تحدي القراءة

تحدي القراءة
من أجل حياة أفضل ،،، بالقراءة

الأحد، 15 مارس 2015

الحياء


الحياء

أنواع الحياء و أقسامه عند العلماء .

تعرض العلماء والأدباء و الفضلاء و الفقهاء و المحدثون إلى أنواع الحياء , و كلهم أدلى دلوه , ولكن هناك شيء واحد بنظم ما قالوا , وهو الحياء من الله عز وجل , و الحياء الفطري , وها نحن أولاء مرسلو القول في بعض أقوال الفضلاء في أنواع الحياء , و رؤية كل واحد منهم إليه من منظار العلم , حيث نجد الحياء من خلال الناحية الزهدية , أو الحديثية أو الأخلاقية , أو الأدبية , أو ما شابه ذلك.

# وفي مدارج الحياء يدرج ابن قيم الجوزية -رحمه الله- الحياء في عشرة أنواع , و يأتي ببعض الأمثلة اللطيفة على كل نوع قسم مما ذكره , أما الأنواع عنده فهي :

أولا: حياء الجناية :

ربما يقع الإنسان في خطأ ما عن غير قصد , وعندها يحصل له الحياء من هذا القبيل , ومن ذلك حياء أبى البشرية آدم -عليه السلام- لما أكل و زوجه من الشجرة , ففر هارباً في الجنة , فقال الله عز وجل له : أفراراً مني يا آدم ؟ قال آدم -عليه السلام- : لا يا رب , بل حياءً منك .

ثانيا: حياء التقصير :

وحياء التقصير هذا شعوراً تجاه العالمين , كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل و النهار لا يفترون , فإذا كان يوم القيامة قالوا لرب العالمين : سبحانك ! ما عبدناك حق عبادتك .

ثالثاً: حياء الإجلال :  

و الإجلال هنا التعظيم لله عز وجل , فبقدر معرفة الله عز وجل يكون حياء المعرفة , وعلى حسب معرفة العبد بربه , وعلمه به , يكون حياؤه منه . فالعبد متى عرف أن الله عز وجل ناظر إليه , أورثته هذا المعروف حياءً منه , يجذبه إلى احتمال أعباء الطاعة , مثل العبد المملوك الذي عمل الشغل بين يدي سيده , فإنه يكون نشيطً فيه , ولا سيما مع إحسان سيده إليه , و محبته لسيده , بخلاف ما إذا كان غاضباً عن سيده , والله عز وجل لا يغيب نظره عن عبده .

رابعاً: حياء الكرم :

وذروة هذا الحياء تتمثل في شخص حبيبنا و نبينا محمد صل الله عليه وسلم , وذلك كحيائه صل الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زوجنه أم المؤمنين زينب رضي الله عنها -وهم ثلاثة رجال- وطوَلوا الجلوس عنده بعد أن أكلوا الطعام , وجعلوا يتحدثون في البيت , فقام صل الله عليه وسلم و استحيا أن يقول لهم : انصرفوا .

خامساً: حياء الحشمة :

وحشم تعني : خجل , واحتشم إذ اتصف بالحياء , ومثال حياء الحشمة حياء علي بن أبي طالب رضي الله عنه من رسول الله صل الله عليه وسلم , إذ احتشم أن يسأل عن أشياء لمكان ابنته فاطمة منه .

سادساً : حياء الاستحقار و استصغار النفس :

وهذا النوع من الحياء ينتاب العبد حينما يسأل ربه عن حوائجه , حيث يحتقر شأن نفسه , و يستصغرها , وهذا الحياء منبعث عن استحقار السائل نفسه , واستعظام ذنوبه وخطاياه , وما بدر منه , ويمكن أن يكون هذا الحياء منبعثاً عن استعظام المسؤول , واستحضاره في نفسه , وهو الله عز وجل .

سابعا : حياء المحبة :

وهذا الحياء من أرق الأنواع العشرة , وهو حياء المحب من محبوبه , بحيث إن خطر على قلبه في غيبته هاج الحياء من قلبه ومن ثم أحس به في وجهه ولا يدري ما سببه .

ولعل سبب هذا الحياء هو المفاجأة , وسببه لا يعرفه أكثر الناس , ولا ريب أن للمَحبة سلطاناً قاهراً للقلب أعظم من سلطان مَن يقهر البدن .

ثامناً: حياء العبودية :

من الممتع في هذا الحياء أنه ممتزج من نقيضين , ومتولد من متضادتين , فحياء العبودية ممتزج من محبة و خوف , ومشاهدة عدم صلاح عبودية العبد لربه عز وجل , إذ أن قدره أعلى و أجل منها , لذلك فإن عبوديته له توجب استحياءه منه لا محالة .

تاسعاً : حياء الشرف و العزة :

يبدو للوهلة الأولى أن نوع هذا الحياء فيه شيء من التناقض , و اعترتنا لذلك الدهشة , ولكن إذا أمعنا الفكر في معناه زالت الدهشة , حيث أن حياء النفس  الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها و شرفها من بذل أو عطاء أو إحسان أو تفضل , فإن المرء إذ ذاك يستحيي مع بذله ز عطائه حياءً يسمى: حياء شرف و عزة , لأنه تعود على ما هو أفضل و أجود في العطاء , و بالتالي يكون حياؤه من  الذي يعطيه , حتى لكأنه هو الآخذ وهو السائل , ولعل هذا يدخل في حياءِ التلوم , لأنه يستحيي من خجلة الآخذ .

عاشراً : حياء المرء المستحيي من نفسه :

وهذا الحياء يقترب من مراتب الكمال , فهو حياء النفوس الشريفة الغزيرة من رضاها لنفسها بالنقص , وقناعتها بالدُون , فيجد نفسه مستحياً من نفسه , حتى  كأن له نفسين , يستحيي بإحداهما من الأخرى , وهذا هو أكمل مل يكون من الحياء , فإن المرء إذا استحيا من نفسه , فهو أجدر أن يستحيي من غيره .

# أما أبو الحسن الماوردي -رحمه الله- فللحياء عنده له طعم خاص , و أنواع جميلة , فالماوردي ممن عرف بسعة أفقه , وغزارة علمه , و تعمقه في مسائل الفقه , وكذلك تبحره في الأدب , و كان من أهل الحياء , حيث لخصها في ثلاثة أنواع فقال : اعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه :

أحدها : الحياء من الله تعالى. والثاني : حياؤه من نفسه . و الثالث : حياؤه من نفسه .

و الآن دعونا ندخل معني الحياء عند الماوردي ..

أولاً : حياء الإنسان من الله تعالى :

يكون الحياء من الله عز وجل بامتثال الإنسان أوامره , و طاعته فيما أمر به , و الكف عن زواجره , و اجتناب معاصيه .

روى ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي صل الله عليه وسلم قال : "استحيوا  من الله عز وجل حق الحياء " فقيل يا رسول الله , فكيف نستحيي من الله حق الحياء ؟ قال : " من حفظ الرأس و ما حوى , و البطن وما وعى , و ترك زينة الحية الدنيا , وذكر الموت و البلى , فقد استحيا من الله حق الحياء ". وهذا الحديث من أبلغ الوصايا في سلوك طريق الحياء و سبيل الاستحياء .

وفي ثنايا هذا النوع يروي أبو الحسن الماوردي قصة حُلُم رأى فيه النبي صل الله عليه وسلم و كيف أوصاه بالحياء , يقول : رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم في المنام ذات ليلة , فقلت :يا رسول الله , أوصني .

فقال : استحي من الله عز وجل حق الحياء.

ثم قال : تغير الناس .

قلت : وكيف ذلك يا رسول الله ؟

قال : كنت أنظر إلى الصبي , فأرى في وجهه البشر و الحياء , و أنا أنظر إليه اليوم , فلا أرى ذلك في وجهه .

فلم يبدأ بشيء صل الله عليه وسلم قبل الوصية بالحياء من الله عز وجل , وجعل ما سُلِبه الصبي من البشر و الحياء سبباً لتغير الناس , وخص الصبي , لأن ما يأتيه بالطبع من غير تكلف فصل الله عليه وسلم على مَن هدى أمته , و تابع إنذارها , و قطع أعذارها وواصل تأديبها  ,و حفظ تهذيبها , وجعل لكل عصر حظاً من زواجره , و نصيباً من أوامره , أعان الله على قبولها بالعمل و على استدامتها بالتوفيق

ويتابع الماوردي هذه الفقرة فيقول : وروي أن النبي صل الله عليه وسلم وصى رجلاً بالحياء فقال له : " استحي من الله استحياءك من رجلين من صالح عشيرتك لا يفارقانك " . و هذا النوع من الحياء يكون من قوة الدين , وصحة اليقين , و لذلك قال النبي صل الله عليه و سلم : " قلة الحياء كفر " يعني من الله تعالى , لما فيه من مخالفة أوامره , وقال صل الله عليه و سلم : " الحياء نظام الإيمان , فإذا انحل نظام الشيء , تبدد ما فيه و تفرق " .

النوع الثاني : حياء الإنسان من الناس :

يرى الماوردي –رحمه الله- أن الحياء من الناس بكف الأذى , وبترك المجاهرة بالقبيح , لأن من تقوى الله اتقاء الناس .

وروى الحسن عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال صل الله عليه وسلم : " أن مروءة الرجل ممشاه , و مدخله , و ومخرجه , و مجلسه , و إلفه , و جليسه " .

النوع الثالث : حياء الإنسان من نفسه :

هذا الحياء نابع من مراقبة الإنسان لنفسه , و يكون ذلك بالعفة , وصيانة الخلوات ؛ قال بعض الحكماء : ليكن استحياؤك من نفسك أكثر من استحيائك من غيرك .

وقال بعض الأدباء : مَن عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية , فليس لنفسه عنده قدر .

و يرى الماوردي أن الرجل إذا بلغ الأربعين سنة فعليه ارتداء ثوب الحياء ؛ و يضرب مثلا ً على ذلك فيقول : دعا قوم رجلا ً كان يألف عشرتهم , فلم يجبهم و قال : إني دخلت البارحة في الأربعين و أنا استحي من سني .

وقال بعض الشعراء في استواء سريرته وعلانيته :

فسري كإعلاني و تلك خليقتي                        وظلمة ليلي مثل ضوء نهاريا .

وهذا النوع من الحياء , قد يكون من فضيلة النفس , وحسن السريرة , فمتى كَمُلَ حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة : من الله , ومن الناس , من انفسه ؛ فقد كَمُلت فيه أسباب الخير , و انتفت أسباب الشر , و صار بالفضل مشهوراً , و بالجميل مذكوراً .

 

 

الكتاب : الحـيــــاء .

الرقم العام : 2378.

القارئة : خلود بنت سالم بن علي الرَوَاحِي ..

هناك تعليق واحد:

  1. اذا لم تخشى عااقبه اللياالي ,,
    ولم تستحي فاصنع ماتشاء,,
    ف والله ما في العيش خيراا,,
    ولا الدنياا اذا ذهب الحيااء,,

    موضووع راائع جداا’’


    دليله الشرجيه12\1

    ردحذف