الحياء
أنواع الحياء و
أقسامه عند العلماء .
تعرض العلماء
والأدباء و الفضلاء و الفقهاء و المحدثون إلى أنواع الحياء , و كلهم أدلى دلوه ,
ولكن هناك شيء واحد بنظم ما قالوا , وهو الحياء من الله عز وجل , و الحياء الفطري
, وها نحن أولاء مرسلو القول في بعض أقوال الفضلاء في أنواع الحياء , و رؤية كل
واحد منهم إليه من منظار العلم , حيث نجد الحياء من خلال الناحية الزهدية , أو
الحديثية أو الأخلاقية , أو الأدبية , أو ما شابه ذلك.
# وفي مدارج الحياء
يدرج ابن قيم الجوزية -رحمه الله- الحياء في عشرة أنواع , و يأتي ببعض الأمثلة
اللطيفة على كل نوع قسم مما ذكره , أما الأنواع عنده فهي :
أولا:
حياء الجناية :
ربما يقع الإنسان في خطأ ما عن غير قصد , وعندها يحصل له الحياء من هذا
القبيل , ومن ذلك حياء أبى البشرية آدم -عليه السلام- لما أكل و زوجه من الشجرة ,
ففر هارباً في الجنة , فقال الله عز وجل له : أفراراً مني يا آدم ؟ قال آدم -عليه السلام-
: لا يا رب , بل حياءً منك .
ثانيا:
حياء التقصير :
وحياء التقصير هذا شعوراً تجاه العالمين , كحياء الملائكة الذين يسبحون
الليل و النهار لا يفترون , فإذا كان يوم القيامة قالوا لرب العالمين : سبحانك !
ما عبدناك حق عبادتك .
ثالثاً:
حياء الإجلال :
و الإجلال هنا التعظيم لله عز وجل , فبقدر معرفة الله عز وجل يكون حياء
المعرفة , وعلى حسب معرفة العبد بربه , وعلمه به , يكون حياؤه منه . فالعبد متى
عرف أن الله عز وجل ناظر إليه , أورثته هذا المعروف حياءً منه , يجذبه إلى احتمال
أعباء الطاعة , مثل العبد المملوك الذي عمل الشغل بين يدي سيده , فإنه يكون نشيطً
فيه , ولا سيما مع إحسان سيده إليه , و محبته لسيده , بخلاف ما إذا كان غاضباً عن
سيده , والله عز وجل لا يغيب نظره عن عبده .
رابعاً:
حياء الكرم :
وذروة هذا الحياء تتمثل في شخص حبيبنا و نبينا محمد صل الله عليه وسلم ,
وذلك كحيائه صل الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زوجنه أم المؤمنين
زينب رضي الله عنها -وهم ثلاثة رجال- وطوَلوا الجلوس عنده بعد أن أكلوا الطعام ,
وجعلوا يتحدثون في البيت , فقام صل الله عليه وسلم و استحيا أن يقول لهم : انصرفوا
.
خامساً:
حياء الحشمة :
وحشم تعني : خجل , واحتشم إذ اتصف بالحياء , ومثال حياء الحشمة حياء علي بن
أبي طالب رضي الله عنه من رسول الله صل الله عليه وسلم , إذ احتشم أن يسأل عن
أشياء لمكان ابنته فاطمة منه .
سادساً
: حياء الاستحقار و استصغار النفس :
وهذا النوع من الحياء ينتاب العبد حينما يسأل ربه عن حوائجه , حيث يحتقر
شأن نفسه , و يستصغرها , وهذا الحياء منبعث عن استحقار السائل نفسه , واستعظام
ذنوبه وخطاياه , وما بدر منه , ويمكن أن يكون هذا الحياء منبعثاً عن استعظام
المسؤول , واستحضاره في نفسه , وهو الله عز وجل .
سابعا
: حياء المحبة :
وهذا الحياء من أرق الأنواع العشرة , وهو حياء المحب من محبوبه , بحيث إن
خطر على قلبه في غيبته هاج الحياء من قلبه ومن ثم أحس به في وجهه ولا يدري ما سببه
.
ولعل سبب هذا الحياء هو المفاجأة , وسببه لا يعرفه أكثر الناس , ولا ريب أن
للمَحبة سلطاناً قاهراً للقلب أعظم من سلطان مَن يقهر البدن .
ثامناً:
حياء العبودية :
من الممتع في هذا الحياء أنه ممتزج من نقيضين , ومتولد من متضادتين , فحياء
العبودية ممتزج من محبة و خوف , ومشاهدة عدم صلاح عبودية العبد لربه عز وجل , إذ
أن قدره أعلى و أجل منها , لذلك فإن عبوديته له توجب استحياءه منه لا محالة .
تاسعاً
: حياء الشرف و العزة :
يبدو للوهلة الأولى أن نوع هذا الحياء فيه شيء من التناقض , و اعترتنا لذلك
الدهشة , ولكن إذا أمعنا الفكر في معناه زالت الدهشة , حيث أن حياء النفس الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها و شرفها
من بذل أو عطاء أو إحسان أو تفضل , فإن المرء إذ ذاك يستحيي مع بذله ز عطائه حياءً
يسمى: حياء شرف و عزة , لأنه تعود على ما هو أفضل و أجود في العطاء , و بالتالي
يكون حياؤه من الذي يعطيه , حتى لكأنه هو
الآخذ وهو السائل , ولعل هذا يدخل في حياءِ التلوم , لأنه يستحيي من خجلة الآخذ .
عاشراً
: حياء المرء المستحيي من نفسه :
وهذا الحياء يقترب من مراتب الكمال , فهو حياء النفوس الشريفة الغزيرة من
رضاها لنفسها بالنقص , وقناعتها بالدُون , فيجد نفسه مستحياً من نفسه , حتى كأن له نفسين , يستحيي بإحداهما من الأخرى ,
وهذا هو أكمل مل يكون من الحياء , فإن المرء إذا استحيا من نفسه , فهو أجدر أن
يستحيي من غيره .
# أما أبو
الحسن الماوردي -رحمه الله- فللحياء عنده له طعم خاص , و أنواع جميلة , فالماوردي
ممن عرف بسعة أفقه , وغزارة علمه , و تعمقه في مسائل الفقه , وكذلك تبحره في الأدب
, و كان من أهل الحياء ,
حيث لخصها في ثلاثة أنواع فقال : اعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه
:
أحدها
: الحياء من
الله تعالى. والثاني : حياؤه من نفسه . و الثالث :
حياؤه من نفسه .
و الآن دعونا
ندخل معني الحياء عند الماوردي ..
أولاً
: حياء الإنسان من الله تعالى :
يكون الحياء من الله عز وجل بامتثال الإنسان أوامره , و طاعته فيما أمر به
, و الكف عن زواجره , و اجتناب معاصيه .
روى ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
"استحيوا من الله عز وجل حق الحياء
" فقيل يا رسول الله , فكيف نستحيي من الله حق الحياء ؟ قال : " من حفظ
الرأس و ما حوى , و البطن وما وعى , و ترك زينة الحية الدنيا , وذكر الموت و البلى
, فقد استحيا من الله حق الحياء ". وهذا الحديث من أبلغ الوصايا في سلوك طريق
الحياء و سبيل الاستحياء .
وفي ثنايا هذا النوع يروي أبو الحسن الماوردي قصة حُلُم رأى فيه النبي صل
الله عليه وسلم و كيف أوصاه بالحياء , يقول : رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم في
المنام ذات ليلة , فقلت :يا رسول الله , أوصني .
فقال : استحي من الله عز وجل حق الحياء.
ثم قال : تغير الناس .
قلت : وكيف ذلك يا رسول الله ؟
قال : كنت أنظر إلى الصبي , فأرى في وجهه البشر و الحياء , و أنا أنظر إليه
اليوم , فلا أرى ذلك في وجهه .
فلم يبدأ بشيء صل الله عليه وسلم قبل الوصية بالحياء من الله عز وجل , وجعل
ما سُلِبه الصبي من البشر و الحياء سبباً لتغير الناس , وخص الصبي , لأن ما يأتيه
بالطبع من غير تكلف فصل الله عليه وسلم على مَن هدى أمته , و تابع إنذارها , و قطع
أعذارها وواصل تأديبها ,و حفظ تهذيبها ,
وجعل لكل عصر حظاً من زواجره , و نصيباً من أوامره , أعان الله على قبولها بالعمل
و على استدامتها بالتوفيق
ويتابع الماوردي هذه الفقرة فيقول : وروي أن النبي صل الله عليه وسلم وصى
رجلاً بالحياء فقال له : " استحي من الله استحياءك من رجلين من صالح عشيرتك
لا يفارقانك " . و هذا النوع من الحياء يكون من قوة الدين , وصحة اليقين , و
لذلك قال النبي صل الله عليه و سلم : " قلة الحياء كفر " يعني من الله
تعالى , لما فيه من مخالفة أوامره , وقال صل الله عليه و سلم : " الحياء نظام
الإيمان , فإذا انحل نظام الشيء , تبدد ما فيه و تفرق " .
النوع الثاني : حياء الإنسان من الناس :
يرى الماوردي –رحمه الله- أن الحياء من الناس بكف الأذى , وبترك المجاهرة
بالقبيح , لأن من تقوى الله اتقاء الناس .
وروى الحسن عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال صل الله عليه وسلم :
" أن مروءة الرجل ممشاه , و مدخله , و ومخرجه , و مجلسه , و إلفه , و جليسه "
.
النوع
الثالث : حياء الإنسان من نفسه :
هذا الحياء نابع من مراقبة الإنسان لنفسه , و يكون ذلك بالعفة , وصيانة
الخلوات ؛ قال بعض الحكماء : ليكن استحياؤك من نفسك أكثر من استحيائك من غيرك .
وقال بعض الأدباء : مَن عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية , فليس
لنفسه عنده قدر .
و يرى الماوردي أن الرجل إذا بلغ الأربعين سنة فعليه ارتداء ثوب الحياء ؛ و
يضرب مثلا ً على ذلك فيقول : دعا قوم رجلا ً كان يألف عشرتهم , فلم يجبهم و قال :
إني دخلت البارحة في الأربعين و أنا استحي من سني .
وقال بعض الشعراء في استواء سريرته وعلانيته :
فسري كإعلاني و تلك خليقتي وظلمة ليلي مثل ضوء
نهاريا .
وهذا النوع من الحياء , قد يكون من فضيلة النفس , وحسن السريرة , فمتى
كَمُلَ حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة : من الله , ومن الناس , من انفسه ؛ فقد
كَمُلت فيه أسباب الخير , و انتفت أسباب الشر , و صار بالفضل مشهوراً , و بالجميل
مذكوراً .
الكتاب : الحـيــــاء .
الرقم العام : 2378.
القارئة : خلود بنت سالم بن
علي الرَوَاحِي’
..
اذا لم تخشى عااقبه اللياالي ,,
ردحذفولم تستحي فاصنع ماتشاء,,
ف والله ما في العيش خيراا,,
ولا الدنياا اذا ذهب الحيااء,,
موضووع راائع جداا’’
دليله الشرجيه12\1